Wednesday, May 1, 2013

إقتربي مني




إقتربي مني
إقتربي مني أكثرْ
عانقيني
دعنا نعيشُ بقايا حلمٍ
يبدو كلَ يوم أصغرَ فأصغرْ
ضُميني إلى الصدرِ
لا تتركيني
أخافُ أن أهجرَ الوطنَ وأرحلْ

أعطيتُ من العمرِ للوطنِ عُمرا
وللشعبِ أعطيتُ أكثرْ
بَحرا من الفكرِ ونهراً
عَلَهُ يصحو من غَفْوتِهِ
يثورُ على الفقر والظلمِ
ومن الجهل يتحررْ
فإذا بيومِ الظلمِ طويلٌ طويلٌ
وليلِ الجهلِ أطولْ

إرحلْ.. إرحل
عليك يا حبيبي أن ترحلْ
قبل أن تُشرقَ الشمسُ
ويُداهِمَ بيتَكَ العسكرْ

لقد صدرَ الحكمُ في القصرِ ليلا
أفتى به قضاةٌ كبارٌ
فُقهاء يبررون الفساد والمُنْكرْ
ولائحةَ التُهَمِ طويلةُ طويلةٌ
تنمو كل يوم وتكبرْ

لا تُدخنُ
لا تُأَرْجِلُ
لا تُحششُ
لا تجلسُ في مقاهي
لا تسهرُ في ملاهي
لا تلوكُ القاتَ
لا تهدرالوقتِ
لا تُقامرُ
ولا تسكرْ

لا تكذبُ
لا تُنافقُ
لا تسرقُ
لا تَرتشي
لا تُخادعُ
لا تتذللُ لغنيٍ
لا تخضعُ لقويٍ
لا تتبعُ شيخَ عشيرةٍ
ولا أميرَ جماعةٍ
لا تعادي أحدا
تُسامحُ
لا تثأرْ

لا تُؤمنُ بالخرافاتِ
بالأولياءِ والمقاماتِ
لا تزورُ قبوراً
لا تُقدمُ نُذوراً
لا تعبدُ صنما ولا قيصرا
مُتواضعٌ لا تتكبرْ

تتعاطفُ مع الفقيرِ والضعيفِ
تحبُ الأرضَ والسماء
تعشقُ المرأةَ والحياةَ
تكرهُ الجهلَ
وتمقتُ العسكرْ

نعم.. حبيبتي
أنا مذنبٌ
أعترفُ بكلِ التُهمِ
وأقبل قرار النفي حزيناً
ولنْ أتأخرْ
لن أراهنَ بعد اليوم
فالقصرُ يربحُ كلَ رِهانٍ
والشعبُ يخسرْ
والوطنُ يتمزقُ إرباً إرباً
والإنسان فيه يتقهقرْ

سأحمل حقيبة أفكاري
أحلامي وأوهامي
وعن وطن الظلم أرحلْ
وأعيشُ بقايا العمر في المهجرْ
مشردٌ بسماء الغربة يَتَسترْ

ومن هناكَ
سأحبُ وطني أكثرْ
وشعبي أكثرَ فأكثرْ
وأترك ثقافتي في القلبِ تَتَجذرْ
أكتب ذكرياتي
مواسم فرحي وأحزاني
حكاياتي
وعِشقي لمواسمِ التينِ والزَعْترْ

أحكي لأحفادي حكايةَ الجهل والعلمِ
كي ينمو الأملُ في عيونهم
والحبُ في قلوبهم يكبرْ
فالجهل كالظلام ضعيفٌ
والعلم كالنور لا يُقهرْ

سأعيش رغمَ الغِيابِ
في قلبِ الوطن حُراً
قصيدةَ غَزلٍ
كتابَ علمٍ وفكرٍ
أسطورةَ عشقٍ
أغنيةَ شوقٍ بمذاقِ العَلْقمِ والسُكرْ

وسأعود بعد عمر العمر مُنتصرا
وقد تحررتُ من الذنوبِ والعُيوبِ
من التُهمِ والمُنكرْ
وعلى كتفي عباءةٌ عتيقةٌ مُعطرةٌ
طَرَزتْها جَدتي على ضوءِ قمر عاشق
من سنابلِ القمحِ وزهرِ اللوزِ
ومواويلِ شوقٍ فلسطينية حزينةٍ
عاشتْ عمر الزمنِ تَتَحسرْ
وزَرْكَشَتْها بالأبيضِ والأسودِ
بالأحمرِ والأخضرْ
ذكرى لمنْ يتذكرْ

د. محمد ربيع

No comments:

Post a Comment