Wednesday, May 15, 2013

للأمل بقية



للأمل بقية
حمل الموج معاول الهدم
يستعدي الشواطئ الآمنة المسالمة
يعتدي عليها بقسوة غاشمة همجية
 ويُرًوج لقضية غريبة عُنصرية
تحطم الموج على الشاطئ ألف مرة
دون أن تخبو عزيمته القوية
لم يفقد الأمل في النصر يوما
وإن تقمصَ دوما دورَ الضحية
كلما هاجَ وماج البحر
يصحو الموجُ من غَفْوته
وتتفتحُ لديه ثانية تلك الشهية
يُعيد الكرة مليون مرة
كي يخطو خطوة صغيرة مُتَعثٍرة
على طريق طويلةٍ، مُتعرجةٍ عَصية
يَصْفعُ وجه البحر غاضباُ
يغفو على صدره مُتعباً
مؤمنا بحكمة عتيقة أبدية
لا راحةَ لِصاحبِ قضية
وحين تهاوت جدران الشاطئ
وتبعثرت أمامه الصخورُ العتية
احتفلَ الموجُ  بحلاوة النصر
ينثر الزبد الكريه على أجنحة الريح
ابتلعَ الصخور المتناثرة في كل ركن
واستعصتْ عليه الرمالُ الطَرِية
تحررتْ الرمالُ من قبضة الصخر
وتجمعتْ على طول مواطنها الساحلية
لفت أشواقها حول خاصرة البحر
وقبلت وجناته قبلة دافئة بدائية
هدأ البحر وغدا بحيرة وديعة
تعيش مع الرمال مسالمة شقية
وغدا الموج طفلا يأنس حضن الشاطئ
ويحلم كل يوم بعيون الغروب العسلية
وغدت الرمال عروساً ساحرة
تنتظر الزفاف بنشوة طفولية
وقد تخلصت من عنفوان الموج
وآثار الهجمة العنصرية الهمجية
يُداعبها نسيم البحر كلما لاح فجر
وتتعطرُ برذاذ الليلِ راضيةً مرضية
تستقبلُ عُشاق البحر عاريةَ الصدر
وتعيشُ العشقَ بأشواقِ غانيةٍ غَجرية
ترقص وتغني وتناجي الأمل
واثقة أن للأمل بقية
أم حنونة تعيش العمر قضية
تودع الطيور المهاجرة من الوطن باكية
وتستقبل الطيور العائدة إلى الوطن باكية
فالدموع للمسافر رفيقُ درب
وللعائد ذكريات عشق أبدية
وهرب الزبد مع الرياح خائفاً
يبحث عن زمن آخر وبقايا ضحية
فالهزيمة، مهما طال الزمن، نصيبُ الظالم
والنصر، مهما تمادى الظلم، قدر الضحية

د. محمد ربيع

Wednesday, May 8, 2013

حكمة اليوم


نظرة إلى الزمن


نظرة إلى الزمن

نظرت إلى المساء بعين يداعبها الأمل والحنين، رأيته يسير مسرعا مبتعدا عني، أمسكت بطرف ثوبه الملون بأشعة شمس توشك على الغروب، تعلقت في أهدابه كي لا أتخلف عنه وأغرق في ظلام دامس، فالظلام هو كل ما يتركه نهار شتوي حين يقرر الحداد على شمس هجرته لحضن بحر دافئ. جرني النهار وسار في طريقه متباطئا، شعرت بأنني أثقل عليه، لكنني لم أجد وسيلة أخرى غير التعلق في أهدابه خوفا من الضياع.
نظرت أمامي فإذا بالزمن يركض دون أن يلهث، وكأنه يزداد شبابا وحيوية كلما تسارعت خطواته، يتوقف لحظات بين الحين والآخر، يلتفت خلفه ليقيس مدى ما حققه من تقدم على الطريق إلى هدفه، لكنه كلما اقترب من الهدف تبين له أن الهدف الذي تخيله لم يكن سوى شاهدا على طريق طويل.. فكل جيل يرسم لنفسه هدفا ما يكاد الزمن أن يلمسه حتى يكون الجيل التالي قد تجاوزه في أحلامه وأفعاله وأفكاره، وترك هدف الجيل السابق شاهدا على تاريخ لا ينتهي ولن ينتهي.
نظرت خلفي فإذا بالأهل والأصدقاء والوطن يستلقون بإسترخاء على شاطئ بحر هادئ، لا تعرف مياهه سوى الجزر.. كانت المياه تتبخر ببطء بعد أن توقفت كل الينابيع التي كانت تغذي البحر وتعطف عليه. لكن الأهل لم يدركوا ما حصل للبحر، ما جعلهم يستغرقون في نومهم وأحلامهم الوردية ينتظرون وصول المد. حزنت على أهلي ووطني ومستقبل الأجيال القادمة، وتمنيت أن أكون قمرا يضيء لهم الطريق في الظلام، شمسا تجدد جريان الدم في عروقهم بعد سبات شتاء طويل، فكرة توقظ عقولهم وتلهب حماسهم، لكنني تذكرت أن القمر يأخذ العاشقين إلى السهر والسمر بعيدا عن هموم الواقع، وأن الشمس تبعث في الكُسالى الإحساس بالحاجة لقيلولة طويلة قبل أن يستيقظوا ثانية لتناول وليمة هناء أو عزاء، وأن أية فكرة جديدة تخيف عقول الجهلاء وترعب قلوب المؤمنين وتدفع بهم إلى الارتماء في أحضان ماضٍ سحيق والعيش مع أحلامه وخيالاته طلبا للأمن والأمان.
لذلك وجدت نفسي أمام خيارين: إما الاسترخاء إلى جانبهم ونسيان الزمن، أو مجاراة الزمن في شبابه وحيويته المتجددة والعيش مع النهار بعيدا عن الظلام.. هربت، لكنني لم أستطع نسيان الأهل ولا سحر أحلامهم التي أدرك أنها لن تتحقق.. نعم.. اخترت الغربة والإغتراب بعيدا عنهم كي أعود إليهم بفكر جديد ووعي مختلف وتجربة حياتية مثيرة.. وحين عُدت وجدتهم وقد تخلفوا عن الزمن أكثر والعالم، وأن البحر أصبح مستنقعا يلعب فيه الأطفال ومشتلا لكل أنواع الجراثيم.
                     د. محمد ربيع                                 www.yazour.com

جَهْلَوادْ



جَهْلَوادْ، جَهْلَوادْ
رحلَ العلمُ
والجهلُ عاد ْ
وغدى الوطنُ مزرعةً
يحرُسُها سِربُ جَرادْ
زُمرةُ أوباشٍ وأقزامٍ
تحتكرُ الفسادْ
تتحكمُ في الاقتصادِ
وأرزاق العبادْ
جهلوادْ، جهلوادْ
هل تسمع أَنّات البلادْ
وُعودٌ وهميةٌ
شعاراتٌ عَدَميةٌ
خُرافاتٌ وأمجادْ
وثرواتُ الوطنِ
تُباع في المزادْ
والكسادُ عَمَّ البلادْ
جهلوادْ، جهلوادْ
هربَ الأملُ
واليأس عادْ
شعبُ مقهورٌ مسحوقٌ
محرومٌ من الفرحِ
ولقمةِ العيشِ والزادْ
طفلٌ يَتَمرّغ في الوحل
وامرأةٌ يلفُها السوادْ
جَهلواد، جهلوادْ
هُزم الحقُ
والباطلُ عادْ
غابَ الصِدقُ
والكذبُ سادْ
والشعبُ يتخبطُ تائهاً
يحلمُ بأمجادٍ دمشقَ
قُرطبةَ وبغدادْ
ويَتَسلّى بِحكاياتِ شَهْرزادْ
شهرزادْ، شهرزادٍ
أين أنت يا أميرةَ الشرقِ
زمنُ الفطنةِ من بعدك بادْ
وزمن الفهلوة حَلَّ وسادْ
وغدا الشرقُ في وادْ
والغربُ في وادْ
وبينهُما ألفُ وادٍ ووادْ
والشعبُ غائبٌ عن الوعيِ
غارق حتى أذنيه
في قضايا قومِ لوطٍ وعادْ
شهرزاد، شهرزادْ
طالَ الليلُ يا أميرتي
وعمَّ السوادْ
والفجرُ ينتظر حزيناً
ميلاداً بلا ميعادْ
يُعاني آلامَ مخاضِ عسير
وحالَ إنسدادْ
والفؤاد توقف عن النبضِ
وأعلنَ الفكرُ الحدادْ
شهرزاد، شهرزادْ
سُجنَ العدلُ
والظلمُ سادْ
رحل الأمنُ
والخوفُ عادْ
والإبلُ مُنْبطحةٌ على كُروشِها
تجترُ ذكريات الثأر
تنتظرُ حمارا يقودها
والحمارُ يَتَسلى بالعِنادْ
جَهلواد، جهلوادْ        
شحَّ المالُ
والفقرُ جادْ
أحرقوا بساتينَ البُرتقال
والهُدْهدُ هجرَ البلادْ
جفَّ الدمعُ في العينِ
والقهرُ في القلبِ زادْ
شبابٌ عُيونُهم على الوطنِ
وعساكرٌ يدُها على الزِنادْ
ودمُ الأطفالِ يسيل في صمتٍ
والأملُ غدا حُطاماً ورمادْ
أين أنتَ يا عنترة بن شدادْ
زمن الشهامة بادْ
والحكمُ يحكُمُهُ الفسادْ
الفقيرُ يَسْتجدي الثريَّ
الضيعفُ يخافُ القويَّ
والزعيمُ عميلُ موسادْ
والمفكرُ يركضُ خائفاً
بين قهرٍ وبؤسٍ
مقصلةٍ معتوه وجلادْ
جهلواد، جهلوادْ
شاخَ الوطنُ
وزمنُ الفتنة عادْ
تسلل أمراء الطوائف
تحت أجنحةِ السوادْ
فقهاء مأجورين عملاءْ
بلا ضمير ، بلا ولاءْ
يقبضون باليمنى الدولارْ
وينثرون باليسرى العارْ
يستخدمون اللسان سلاحا
لاستثارة الغرائزَ والأحقادْ
وتعميم الجهل على البلادْ
جعلوا الصبايا سبايا
والبغاءَ جهادْ
قاصراتٌ يركعن عرايا
مبولةً لكل معتوه جلادْ
آه يا ابن شدادْ
مجرمون بلا أعدادْ
يحملون سيف أبي جهل
يقطعون الرؤؤس مُكبرين
ويُمثلون في الأجسادْ
وشعوبٍ مُؤمنةٍ تُقادْ
إلى المقصلة بلا عنادْ
والديمقراطيةِ استبدادْ
تعمم البؤس على العبادْ
جَهلوادْ ، جهلوادْ
رحلَ العلمُ
والجهل سادْ
هربَ الحبُ
والحقدُ عادْ
والشقاءُ على الناس جادْ
فقرا ومذلة واستعبادْ
وما يزالُ الفجرُ حزيناً
ينتظرُ ميلاداً بلا ميعادْ
يُعاني آلام مخاضٍ عسير
وحالَ إنسدادْ

د. محمد ربيع



Sunday, May 5, 2013

رسالة إلى طائر الهُدْهد



رسالة إلى طائر الهُدْهد
حلقْ مرفوع الرأس
في سماء أرضِ الجُدودْ
وانتظرني هناك حتى أعودْ
انتظرني بين أشجارِ البرتقالْ
حيث كنا نلتقي
أطفالٌ صغارْ
نلهو، نتسلقُ الأشجارْ
نعبثُ، نقطفُ الصُبارَ
ونسماتُ البحرِ تُداعبنا
ملائكةٌ أحرارْ
لا يُرهبنا جنودْ
لا تُكبلنا قيودْ
نلتقي في شوقٍ
نفترقُ في شوقٍ
ومع الغروبِ نعودْ

قِفْ على شواطئِ يافاْ
وانتظرني حتى أعودْ
وإن صادفني جنودْ
وأدركوا أنني عدت
متسللا عِبرَ الحدودْ
واعتقلوني وعذبوني
وسجنوني عُقودْ
لا تحزنْ يا حبيبي
سوفَ أعودْ
قِفْ على روابي الكرمل
وانتظرني حتى أعودْ
وإن صادفني أشرارْ
وأدركوا أنني تسلقتُ
فوق أسلاك الجدارْ
وكبلوني وغطوا عيني بالسواد
ورموني خلف الحدودْ
لا تيأسْ يا حبيبي
سوف أعودْ
فالوطن حبٌ مجنون
وجنون الحب بلا حدودْ
حلّقْ فوق السور العتيقْ
شاغلْ أعين الحُراس
حتى تسمعَ الأجراسْ
والزغاريدَ في الأَعْراسٍ
رقصات الطبل والعودْ
تزفُني في أزقةِ القدس
 لحبيبةِ العمر خُلودْ
وترى دموعَ الفرحِ
فوقَ الخُدودَ شُهودْ
قِفْ بين الورودْ
وانتظرني حتى أعودْ
أنا لا أخافُ جنودْ
مُستعمرينَ يهودْ
خُرافاتِ أحبارٍ
وتعاليمَ تَلْمودْ
العدوُ ظالمٌ
عُنصريٌ حقودْ
والظلمُ لا يسودْ
وإن أُعتقلتُ وعُذبتُ
وكبلوني بالقيودْ
وأصبحتُ أسيراً
مُتهماً بقتلِ جُنودْ
وحُوكمتُ بلا شهودْ
وأعدموني ودفنوني
وغُيبتُ عن الوجودْ
سوف أعودْ
شمساً وقمراً
برقاً ورعودْ
فعاشقُ الأرضِ
لا يخلفُ للأرضِ وُعودْ
سوف نعودْ
ما دام الشعبُ هُنا
يقفُ مرفوعَ الرأسِ
يحملُ راياتِ الصمودْ
سوف نعودْ
نهدمُ الجدارَ
نُحرر الحجارة
ونمحو آثارَ الحدودْ
فلسطينُ أسطورةٌ
رسالةُ حبٍ وسلمٍ
منذُ أن كانَ وُجودْ
نبعُ الحضاراتِ
مهدُ النُبواتِ
وجناتُ خلودْ
حكاياتُ جدودْ
تتناقَلَها الأجيالُ
الكتبُ والأسفارُ
عِبرَ العُهودْ
تُحكى مليون مرة
تُزيفُ مليون مرة
تُغيَّبُ مليون مرة
ثم تعودْ       
د. محمد ربيع        www.yazour.com