Thursday, July 18, 2013

الإيمان والحب

الإيمان والحب


الإيمان وجه خاص من أوجه الحب، من حق كل إنسان أن يغوص في بحاره، وأن يتسلق جباله وأن يتذوق ثماره، حُلوها ومُرها، وأن يتمتع بنسماته بالقدر الذي يُريد. وفي المقابل، لا يحق لإنسان أن يحرم غيره من الناس من الحب، كما لا يجوز أن يفرض إنسان على غيره أن يحبوا ما يُحب، أو يؤمنوا بما يؤمن به. إن قيام إنسان بمحاولة فرض ما يؤمن به أو يحبه على شخص آخر هي محاولة لإرغام الشخص المعني على حب شيء قد لا يتناسب مع طبيعته ولا يلبي طموحاته في الحياة، ما يجعل المحاولة عملية إكراه تستهدف مصادرة حرية الإنسان المعني وتزييف مشاعره واستلاب إرادته. إن الإنسان لا يستطيع أن يعبر عن إيمانه بصدق، وأن يمارس الحب بأمانه إلا إذا تمتع بالحرية كي يختار ما يريد ويفعل ما يريد. إذ في غياب الحرية تُحرم روح الإنسان والإنسانية من التحليق في سماء الحب والغوص في بحور الإيمان، ما يجعل الحب في ظلال الكبت مجرد شهوة، ويجعل الإيمان في ظلال الإكراه حالة نفاق.

إن من يحاول أن يفرض رأيه على غيره من الناس هو إنسان لا يعرف الحرية... إنه إنسان عقائدي أغلق عقله وتنازل عن حريته وعن حقه في التفكير. وفي الواقع، لا تسمح عقيدة لأتباعها بحرية التفكير، لأن التفكير في أية قضية إيمانية أو غير إيمانية يجعل الرأي في القضية المعنية وجهة نظر، لا غير. لذلك يعمل القادة العقائديون على مصادرة حريات أتباعهم وإغلاق عقولهم، لأن التفكير قد يقودهم إلى الشك والاستقلال في الرأي. وكما أن الحب ليس مُلكاً لأحد دون غيره من البشر، فإن العقيدة لا يمكن أن تكون ولا يجوز أن تكون حِكراً على شخص دون غيره من الناس. وكما أن الحب أنواع وأهواء ونزوات، فإن العقيدة هي أيضاً أنواع وأهواء ونزوات، ما يجعل من حق كل إنسان أن يحب ما يشاء وأن يؤمن بما يشاء.